الأربعاء، 12 يونيو 2013

دين الكراهية أم دين الرحمة؟






اللهم زلزل الأرض من تحت أقدامهم , اللهم دمرهم و مزقهم كل ممزق
 اللهم جمد الدماء في عروقهم 
اللهم العنهم لعنا كبيرا،اللهم سلط عليهم العذاب من حيثُ لا يحتسبون، مطرًا من فوق رؤوسهم، وغيلة من تحت أرجلهم

اللهم ارنا فيهم عجائب قدرتك ... آمين



تعودنا سماع مثل هذه الأدعية في المساجد و من الشيوخ , قد يطلقون هذه الدعوات على الغرب و أمريكا أو اليهود أو الفرق الإسلامية الآخرى كالشيعة أو الرافضة و حتى تصل هذه اللعنات إلى من يحمل فكرا مختلفا كالليبرالين و العلمانين و الماركسيين ...إلخ

السؤال هنا لماذا نسارع بصب اللعنات و تملؤنا الرغبة في اجتثاث الآخر المختلف في الرؤية في الدين أو في الفكر.أين ذهبت النظرة الإنسانية و الرحمة ؟

الآن فرضا اعتبرنا من يختلف معك مصاباً بمرض اعتبره مرض الكفر أو مرض العلمنة أو مرض اللبرالية أو القبلية أو حتى الالحاد..إلخ مما تراه مرضاً. فلماذا تصب جام غضبك و لعناتك على المريض (الإنسان) و ليس على (المرض)؟

تخيل أنك في مستشفى و هناك مرضى متعددون بالسرطان و الانفلونزا...إلخ من الأمراض , و تخيل أنك طبيب تريد علاج الحالات التي أمامك فهل تسارع بقتل المرضى حتى تتخلص من المرض؟ أم تبحث عن علاج (المرض) و استنقاذ (الإنسان)؟

إذا علاج هذه الأمراض ليس بالقتل أو التصفية و لكن بمقارعة الحجة بالحجة و الفكر بالفكر, من هنا كان هؤلاء المرضى أحوج ما يكونوا إلى عطفك و حزنك عليهم و الدعاء لهم بالهداية و الشفاء.

و منذ متى ماتت الفكرة بقتل حاملها؟ بالعكس غالبا ما تخلد الفكرة و تبرز القيمة بظلم و مقتل صاحبها الذي يصبح بطلاً لأناس تمسكوا و استلهموا فكرته. ثم ما أدراك إن عاد هؤلاء أو آمنوا أن يصبحوا أكبر المدافعين عن الفكرة التي تمت هدايتهم لها بالفكر و الحسنى.

يذكر عن أحد العلماء المجددين أنه سرح يوما بعيداً و لاحظ هذا أحد تلاميذه و سأله: يا مولانا فيما كنت تفكر؟ فقال : كنت أناجي الله في سري أن اعمل معه صفقة إن كان ممكنا أن يدخلني النار خالداً و أن ينجي البشر كل البشر ليعبدوه وحده لا شريك له .. و كل هذا من محبته لله و فرط حزنه على من ضل من عباده.

ديننا ليس دين كراهية و يجب ألا نخلط الأمور و لا نكره الانسان لذاته, بل ربما نكره عمله و فعله و في أحيان اعتقاده. لكن هذا لا ينبغى أن يعمينا عن جوهر الانسان خلف كل هذه الاقنعة و عن جوهر ديننا الحنيف دين الرحمة و المغفرة.

إذا لنكن رحمة للعالمين لا لعنة عليهم و لنجعل دعائنا اللهم اهدي عبادك إلى الحق, اللهم بصرهم بنورك و ارزقهم حق عرفانك و خشيتك و اهدهم إلى طريق الحق و سبل الرشاد. اللهم آمين.

الثلاثاء، 29 يناير 2013

المدينة المنورة


كم اشتقت إلى رسول الله و إلى مدينته الشريفة, أحسست اليوم بشوق عظيم لزيارة المصطفى الحبيب و الصلاة في الروضة الشريفة. لذلك قررت أن أسافر غدا إلى المدينة المنورة و أتأمل بصدق و محبة مدينة الإسلام الأولى طيبة الطيبة. 

أرى المنبر و أتخيل الرسول صلى الله عليه وسلم قائم يخطب في المهاجرين و الأنصار و أرى أعرابيا يدخل المسجد و يسأل: أين محمد؟ و يسلم على يديه بعدما يسأله بضع أسئلة. و كأن روحي تهفو إلى طرقات المدينة و أتخيل نفسي أسلم على آل النبي و أجتمع بالصحابة الكرام. 

تخيل أن يستضيفني أحد أحفاد أبو أيوب الأنصاري أو أطلع إلى المسجد و أشهد قصة ابن عمرو بن العاص مع القبطي و اقتصاصه لنفسه بين يدي أمير المؤمنين العادل عمر بن الخطاب و أسمعه و هو يردد الجملة التي خلدت في التاريخ (( متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً)) , عمر الذي جلد أحد أبنائه إلى حد الموت لشربه الخمر فلا محاباة عنده. أم لعلني أشهد مجلسا للقضاء بين يدي الإمام علي كرم الله وجهه و أشاهد مدى علمه و فقهه الغزير فهو باب مدينة العلم. 

و لعلني أذهب إلى أحد أو بدر و أشاهد المعارك التي حدثت بين المؤمنين و كفار قريش, لعلني أستبصر كل هذه المناظر و المشاهد بعين اليقين. ربما أخذني الشوق بعيدا و كل ما أرجوه أن أعود خيرا مما ذهبت مقتبسا نفحات إيمانية و أسراراً ربانية.

اللهم صلي وسلم على سيدنا محمد و آله الطاهرين و من تبعه بحق إلى يوم الدين.


الثلاثاء، 8 يناير 2013

الأحلام الضائعة و القلوب المحطمة



ينتابنا شعور اليأس و الإحباط بين الفينة و الآخرى ,بين الأحلام الضائعة و القلوب المحطمة التي كانت ذات يوم مفعمة بالأمل و الأحلام الكبيرة.  لكن الحياة مثل الشارع السئ الملئ بالمطبات لا ترى علامةً لهذا المطب إلا متأخرا.

كلما مضينا في هذه الحياة نضطر للتخلي عن بعض أحلامنا الواسعة و في قلوبنا شي من الحسرة, نحاول التأقلم على مجموعة القوانين التي وضعها المجتمع من عادات و تقاليد و أعراف تضع سقفا لطموحاتنا. نحاول التأقلم على تخصص لم نختره بعناية بما يتوافق و إهتماماتنا و طموحاتنا. نحاول التأقلم على عمل رتيب و ملل و ربما نحاول العيش مع شريك حياة لم نعرف عنه شيئا من قبل فحياتنا مليئة بالمفاجئات وبقلة الإختيارات و نقنع أنفسنا أن ما نعايشه هو القدر المحتوم الذي لا مفر منه.

المهم أننا نحاول و نحاول و في النهاية لا ننسى أحلامنا و أكثر من يتضرر من هذا الصراع هو القلب الذي يتألم لكل هذه الحواجز التي أعاقته عن ممارسة الحياة التي يحبها و الطموحات التي رسمناها لأنفسنا يوم أن كنا نؤمن بأنه لا سقف لطموحاتنا و أحلامنا.

يقول أحدهم إسأل نفسك:ماذا سيفقد العالم بموتك؟ ما هو الأثر الذي ستتركه في هذه الحياة و تؤثر به على حياة من حولك. أهلك و طنك و البشرية جمعاء. مجتمعاتنا الشرقية لما فيها من وصاية فكرية و اجتماعية و جهوية و قبلية تغتال طموحات الشباب.المجتمع يريدنا أن نخرج بصورة معينة , نسخة من أنماط متعارف عليها و في النهاية تصبح رقما عاديا يضاف إلى أعداد البشرية.


كثيرا ما نحرص على شئ و ندأب في سبيله و نذوب لأجله عزما و سعيا و إرادة ثم نراه يبتعد عنا كلما أردنا, و يصعب علينا بمقدار ما حرصنا عليه. حتى إذا أهملناه أو تغافلنا عنه وجدناه قد استلان بين أيدينا و تراضخ بشكل قد يثير فينا الدهشة و المرارة في آن واحد.

أنا من مؤيدي التفاؤل لكن هناك لحظات نستلذ فيها الشعور بالإحباط و مراجعة الأهداف و الطموحات طبقا للظروف الراهنة. فإما أن نقنع و نرضى بمستوى جديد و سقف أقل من الطموحات (الواقعية) أو نسعى جاهدين للعيش كما أردنا و حلمنا, فإما أن نحقق هذه الطموحات و الأحلام أو نعيش بقلوب محطمة يعتصرها الألم كلما تذكرت أحلاما و طموحات دفنت بفعل فاعل.


أفكار مشتتة تتهاذي في الخيال
و آمال مبعثرة في أرجاء المكان
أحلام ضائعة نراهــا كالسراب
و قلوب محطمة على ناصية الزمان
فهل كانت أحلامنا مجرد أحلام؟
و هل خسرنا مع أنفسنا الرهان؟