اليوم تبدأ الحكاية لا أعرف كيف أبدأها لكني سأتوكل على الله حتى أروي لكم القصة رغم أن قلبي يدق بقوة كلما تذكرت هرجيسا و لحظة هبوط الطائرة في مطارعقال الدولى - رحمه الله - نزلت الطائرة في مطار هرجيسا و كلي شوق للنزول على أرض الوطن و لكن قلبي يضرب بقوة و كنت مترددا بالخروج من الطائرة , كنت من آخر الناس خروجا لا أعم لماذا لم تحملني رجلاي ربما لأنني مازلت في صدمة و لم أصدق أنني في هرجيسا الحبيبة ....
و عندما نزلت من الطائرة كالعادة أول شي يلفت نظرك هو الهواء الجميل الذي تضرب نسماته على خدك ووجهك و أخذ الهواء يداعب شعري الناعم يمنة و يسرة , ذهبت لكي أضرب التأشيرة على جوازي بعد أن ودعت آدم و محمد المرحلان إلى مقديشو حيث بقوا بالطائرة و أعطيت كل واحد منهم اسنكرس , المهم قالوا لازم أصرف 30 دولار ضريبة أنا أخرجت لهم بطاقة الطالب و قلت لهم أنا طالب رغم أنني تخرجت ولكنهم لم يقرأو البطاقة و تركوني أذهب بدون أن أدفع فلسا بعدما ضربوا لي تأشيرة دخول ...
أول من وجدته من عائلتي كان أخي الصغير آخر العنقود سلمت عليه و بعدها وجدت الوالد فسلمت عليه و بعدها أخذنا عفشنا و الذي كان ثقيلا نوعا ما فقلت لحمالين أن يحملا لي الشنط و عندما حملنا الشنط و وضعناها في سيارة الوالد , طلب الحمالان أجرهم لم يكن معي شلن و لكني صرفت لهم و أعطيت كل واحد منهم 5 دولارات أي ما مجموعه 10 دولار و لاحقا اكتشفت أنني دفعت مبلغا كبيرا جدا لهم في حين كان يكفيهم دولاران أو أقل حتى و لكنني كنت كريما وقتها فأنا البرخد كما تلقبني جدتي حفظها الله و لم أكن أصدق أنني و صلت إلى الوطن ونزلت من دالوا االتعبانة فاعتبرتها فرحة الوصول ( دعوووو ) و راح تكتشفون لاحقا في الحكاية أن كل شي يمشي بالدعووو .....
عندما كنت داخل السيارة و أنا طبعا كنت قد أتيت و أنا بكامل شياكتي و لابسا الكرفتة كحلي مع قميص أزرق و جنز أسود حتى قال لي أخي : لقد ظننت أنك قبطان الطائرة هههههه , المهم و أنا داخل السيارة أتطلع إلى هرجيسا و أول ما رأيته بعد المطار كان فندق أمباسدور أو فندق السفير الشهير و بعدها توجهنا إلى السوق الكبير و سط المدينة و عبرنا الجسر بإتجاه حارتنا (BIYO DHACY) جنب سوق الإذاعة حيث يقع منزلنا و هو نفس المنزل الذي هاجرنا منه أيام الحرب الأهلية عام 1988 م و أذكره منذ الصغر حيث لي ذكريات جميلة فيه و في الشجرة الكبيرة التي كنت أتسلقها وتم قطعها قبل عاميين مع أعمال تجديد المنزل ......
و صلنا للمنزل و عندما نزلت وجدت أمي في انتظاري قبلت يدها و رأسها و بعدها سلمت على باقي إخوتي و ذهبت إلى جدتي مباشرة و التي لم تعطيني فرصة السلام عليها قبل أن ترمى فوق رأسي الفشار (السلول) و بعض (النعنع) ..قبلت يدها و رأسها فلم أرها منذ 5 سنوات و كنت مشتاق لها بدرجة لا توصف ...هذه المرة و لله الحمد لم يتم إجباري على أكل البصل أو الحلديد كما حصل في آخر زيارة لي في العام الماضي , حيث يقول الصوماليون و شعوب المنطقة أن أكل البصل يحمى من الأمراض بعد السفر و تغير الجو , فعلا مرضت لاحقا بالزكام لمدة اسبوع كامل و في العام الماضي بعد أكل البصل لم يصبني شي ربما يجب أن أتأكد من خرافة البصل ربما تكون صحيحة كما اكتشف الصوماليون سابقا علاقة البعوض بالملاريا ...
كنت متعب ووصلت على وقت صلاة الجمعة ذهبت للصلاة و عدت و أكلت الغداء الدسم من الرز و لحم الماعز المشوي طبعا السلطة اللذيذة كانت حاضرة مع البيتراف و الموز و عصير المانجو , ثم أخذت حماما ساخنا وبعدها خلدت للنوم بعد عناء سفر طويل , استيقظت للصلاة العصر و جلست بعدها مع الأهل نتبادل أطراف الحديث وقبل حلول المغيب ذهبت أتمشى في الأحياء القريبة آخذا معي كمرتي و كنت أبحث عن مكان يطل على المدينة كلها فحينا يقع فوق هضبة مرتفعة نوعا ما عن وسط المدينة و فجأة و جدت منطقة هادئة و مطلة على المدينة و الجو كان مغيما و الهواء كان هواءا عليلا يرد الروح , أخذت نفسا عميقا عدة مرات و أنا أستنشق هواء معشوقتي و حبيبتي هرجيسا , لله درها ما أروعها و ما أجملها خصوصا منظر المغيب لا يفوت هذا المنظر الرائع , استغليت فرصة أنني أحضرت كمرتي معي فلقت بسم الله دعنا نبدأ التصوير انظروا للصور القادمة و تأملوا جمال اللحظة التي عشتها لعلكم تعيشون معي نفس اللحظة الجميلة .....
و أيضا صورت فيديو للمنطقة و حديثا أنشئت لي حساب على اليوتيوب حتى أضع لكم الفيديوهات التي صورتها و كلما أردت إضافة فيديو للموضوع سأضيفه لليوتيوب أولا ثم أضعه لكم هنا كتحلية بعد الوجبة الدسمة من القصص والأشعار و الصور , هذا هو أول فيديو لي عن هرجيسا أرجوا أن ينال إعجابكم ....
و في المساء أخرجت الهدايا التي كنت أحملها لأهلي و تسامرنا في الحوش و على ضوء القمر بحضور الجميع أبي و أمي و إخواني و جدتي ...كان يوما جميلا اختلطت فيه الأحاسيس و المشاعر و فرحتي بلقاء الأهل و العودة للوطن لا يمكن و صفها ببضع كلمات مهما كنت فصيحا و فعلا صدق الشيخ الذي قال لي يوما في إحدى مناماتي : أيام عظام خير من دول عظام , كانت سهرة جميلة و الهواء كان منعشا بشكل لا يوصف أحسست و كأنني استرددت روحي بعد ألم الغربة و الفراق.....
أما الآن فقد أدرك ليبان الصباح فسكت عن الكلام المباح .....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق