الخميس، 29 مارس 2012

سيرة الشيخ مطر (شيخ هرجيسا ) (الجزء الثاني)





نشأة الشيخ و تعليمه في طفولته 

ولد الشيخ مطر أحمد شروع في عام 1825 م إذا أخذنا في عين الإعتبار كتابات الشيخ و التي أشار فيها إلى تاريخ مولده , و قد ولد لعائلة في البادية و حسب المتناقل شفهيا و حسب أقوال الكثيرين ممن يدعون أنهم يعرفون تاريخ الشيخ مطر فقد اتفقوا أنه قد ولد في منطقة تسمى ب [Hadayta] و هذه المنطقة تقع بين عيل شيخ [Ceel Shikh] و [Lughaye] تحت شجرة كبيرة اسمها Hadayta سميت المنطقة على اسمها

و هذه هي صورة الشجرة :




و هذه المنطقة تبعد عن الساحل الشمالي بمقدار 200 خطوة و هذه الشجرة قديمة جدا و كبيرة بحيث من الممكن رؤيتها على بعد عشرات الكيلومترات و في إحدى الأبيات التي يصف فيها الشاعر عبدي خليف [Indoole] هيئة الشجرة يقول فيها : 

[Makaauu ku dhashay , Hadaytaa ka mogoolay oo almis muuq ka dheer]

كما وصف الشاعر و بالغ بأنه حتى أن شكلها يبدو أطول من جبل ألمس و هو إحدى الجبال المشهورة بالقرب من بربرة ...


 

جبل ألمس شمال صوماليلاند


المنطقة التي ولد بها الشيخ حسب اجتهاد شخصي و هي ملونة باللون الأحمر في الخريطة

و كما تذكر المراجع فعائلة الشيخ كانت تسكن تلك المناطق على الساحل في وقت الشتاء ( الجيلال ) و هذه هي الأوقات التي تكون فيها منطقة القوبن في أفضل حال و من المرجح أن الشيخ ولد في هذا الوقت ....

تعليم الشيخ داخل الوطن:

كما هو معروف ولد الشيخ لعائلة من أهل البادية يعتمدون على الترحال الدائم و كانت هذه العائلة ترعى الجمال و تربي الأغنام و الماعز و كذلك تربي الخيول. و تربي في طفولته كما يتربى أقرانه الصوماليون من أهل البادية و كان لتعليم أهل البادية خصائص مميزة و لم تكن تعتمد على المدارس الرسمية و لا على الكتب بل كانت عبارة عن تعليم دائم للطفل حيث يتعلم كل ما يتعلق بالبيئة , تقاليد المجتمع , علم الحيوانات , علم النباتات و خصائص كل منها المفيد و الضار , الرياح و الأمطار , النجوم و أسمائها , علم اللغة و الأمثال و الأشعار , و تعلم سلسلة النسب للقبيلة و القبائل المحيطة , اللياقة البدنية ( التحمل و المشي لمسافات طويلة ) و كذلك الرعي حيث يتعلم الطفل تدريجيا الرعي حتى يصل لأعلى درجة و هي رعي الإبل ...
 
الترحال الدائم و الرعي من سمات أهل البادية البارزة

و هذه البيئة الرعوية تساهم في صقل هؤلاء الأطفال و تغرس فيهم الشجاعة لحماية أنفسهم و قطعانهم من الأخطار و كذلك يكتسبون ذاكرة قوية حيث كانوا يحفظون قصائد شعرية بمجرد سماعها لمرة واحدة فقط , و كان أهل الشيخ مطر يتنقلون من أقصى الشمال Gubanka حتى الجنوب باتجاه [Oogada] و لما كان يحدث شح في الأمطار كانوا يذهبون إلى أقصى الهود جنوبا [hawdka shishe].

ففي الشتاء [jiilaalka] يسكنون في الشمال في منطقة القوبن بين شهري أكتوبر و مارس Gubanka خاصة في الساحل الشمالي بين بربرة و lughaya و في الربيع أو القوء [gugana] كانوا يذهبون جنوبا خاصة بالقرب من جبال هرجيسا و أما إن كانت الأمطار شحيحة فيتعدون منطقة هرجيسا إلى أقصى جنوب الهود حيث وفرة المياه.المناطق التي بالقرب من حدود اثيوبيا و من ضمنها هرجيسا صحيح أنها كثيرة الأمطار و لكنها أقل مياها من الساحل حيث لا توجد منطقة تتجمع فيها المياه بل تذهب في الأودية و تصب على المناطق الساحلية و لكن كان هناك آبار بالقرب من الأودية و التي تكون حصرية فقط للقبيلة التي حفرت البئر و هذه الآبار كانت على نوعين إما آبار عميقة  [ceel wadaameed]  أو آبار ضحلة [ceel dhoobeed] .... 



و الشيخ مطر في طفولته كانت له الفرص للمرور بين هذه الثلاث أنواع من راضي صوماليلاند بظروفها المختلفة مناخيا حسب فصول السنة. بعض القبائل أو العوائل كان يوجد بينهم معلم يرتحل معهم و يعلم الأطفال القرآن و اللغة العربية قراءة و كتابة و كان المعلمون يعلمون الأطفال تحت الأشجار , حيث يتم البحث عن شجرة كبيرة ذات ظل وفير و يتم تنظيف أسف الشجرة و تهيئتها لتكون قاعة للدراسة و لو كان هناك رياح في المنطقة يتم إحاطة الشجرة بسور من الأشواك و الأخشاب حتى لا يلتهي الطلاب عن الدراسة,  و كان الطلاب يكتبون القرآن و يحفظونه على الألواح حيث يستطيعون أخذه حيثما أرادوا و عندما ينتهى الدرس الأول يمسح ثم يكتب الذي يليه ...

طبعا هذه الألواح يتم صناعتها من الأشجار المحيطة في البيئة و القلم يصنع من شجرة اسمها دوركا [duurka] و كذالك الحبر يتم صناعته من الفحم و الماء و الململ ( يشبه البخور و له استخدام آخر لتخدير الأفاعي ) و يتم خلط هذه المكونات و طحنها فينتج لنا الحبر ثم يصب الحبر في إناء يصنع من خشب يسمى أوبو  [Ubbo] هذا الإناء يوضع فيه أيضا السمن ...
وكان لهذا اللوح معنى كبير في تسهيل عملية حفظ القرآن حيث لا يمسح الدرس حتى يتأكد المعلم أن الطالب  قد حفظ الآيات , و كان المعلم يقرأ الآيات جهرا و يردد الطلاب وراءه و كل طالب يتم التسميع له قبل الإنتقال للدرس الجديد و من هذا اللوح تتم معرفة الطالب المجتهد و الذي يحفظ بسرعة من الطالب الكسول و الذي يأخذ وقتا طويلا في الحفظ ... 

بالإضافة لتعليم القرآن الكريم كان يتم تعليم الأطفال الصلاة و الواجبات الدينية و كانت هذه الدروس الدينية تبنى أخلاق الطالب و إسلوب تعامله مع الآخرين . و الطلاب الذين كانوا ينتظمون في هذه الدروس كان يتفوقون على أقرانهم بعلوم اللغة العربية و الدين و كما هو الواضح فالشيخ مطر كان من أؤلئك الذين استفادوا من هذه الفرصة في صغرهم حيث حفظ القرآن في صغره و تعلم اللغة العربية و كان خطه جميلا باللغة العربية كما هو واضح من كتاباته ...

و تناهى إلى مسامعنا عن الذين يعرفون تاريخ الشيخ مطر جيدا أن أباه حينما فطن إلى تميزابنه في اللغة العربية و علوم الدين فكر في إرساله إلى هرر و التي كانت تعتبر الحاضرة الأكبر للعلوم الدينية في شرق إفريقيا حيث كان يؤمها الطلبة المتميزون في الدين و اللغة العربية و لكن الذهاب إليها لم يكن بالأمر الهين و كان يتطلب وجود معرفة و صلات بمدينة هرر و شيوخها , و هناك تساؤل يطرح نفسه هنا, هل كان لأبي الشيخ مطر ( أحمد شروع )  صلات بهرر سهلت له إرسال ابنه لإكمال دراسته الدينية في هرر المركز الإسلامي الأكبر في القرن الإفريقي ؟ 

يتبع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق